السبت، 2 فبراير 2013

الحنين إلى الوطن

الحنين إلى الوطن

كتبها علاء دياب ، في 26 نوفمبر 2012 الساعة: 17:45 م


طلبت من بناتي بالصف السابع كتابة خاطرة أو قصة تشجيعًا لهن على الكتابة ، ولم أكن أعلم أن بينهن تلك الموهبة الرائعة ، سأترككم مع ما كتبته ابنتي الطالبة الصغيرة ؛ لتعرفوا ماذا يفعل الحكام في شعوبهم ، وماذا يتركون من جراح في نفوس أطفال صغار …….. أترككم مع قصة
الحنين إلى الوطن
بقلم الطالبة : سماح محمد عبد السلام كناص
 مواليد23 ـ 5ـ 2000
مكان الولادة : سراقب ـ إدلب ـ سوريا 
مدرسة العالم الجديد الخاصة - دبي
الصف: السابع
قصة قصيرة بعنوان الحنين الى الوطن
إشراف الأستاذ / علاء دياب ( مدرس اللغة العربية )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سوريا يا حبيبتي
أعدتِ لي كرامتي
أعدتِ لي هويتي
حين تمر بشوارعها، وترى الناس يسقون الورد الجوري ، فاعلم أنك في سوريا…حين توغل في حاراتها و أزقتها ، وتتنفس عبير ياسمينها يطغى على رائحة البارود و الموت فاعلم أنك في سوريا… حين ترى الأطفال ينشدون لحن الحب و العلم والوطن قل لهم هي ذي سوريا…حين تشتم رائحة الخبز المعجون بعرق عمالها ، و دموع نسائها ، و دماء أبطالها ، ارفع الرأس و قل لهم أنا سوري…
و أنا فتاة سورية ، أعشق الحياة ، أعشق الحرية ، أعشق السعادة ، أعشق كل شيءٍ جميل…كنت أعيش في مدينة جميلة اسمها سراقب.. أحبها حباً جماً حتى أنني أحب الأحرف المكونة منها كلمة سراقب…كنت أعيش في بيتٍ كبيرٍ جميلٍ دافئٍ ، يعج بالذكريات ، فكل ركنٍ في بيتي لي فيه ذكريات ، فهذه غرفتي…إنها مملكتي ،هنا ألصق رسوماتٍ رسمتها بيديَّ على جدران الغرفة ، وهذه صور لي معلقة ، كل صورة تعبر عن مرحلةٍ من مراحل حياتي …غرفتي صندوق ذكرياتي..فيها ألعابي صوري … قصصي … ملابسي ….. سريري ..كل شيءٍ جميل في غرفتي ، أخرج من غرفتي لأدخل غرفة أخوتي وأرى ألعابهم ورسوماتهم ، وهذا أخي يلصق على خزانته صورته وأخي الثاني يلصق إحدى شخصيات الكرتون ، وأخي الثالث يلصق صورة لاعب كرة القدم الذي يحبه ..وهذه غرفة والديَّ ، وهذه غرفة الجلوس ،هنا يجلس أبي يشاهد التلفاز وهناك تجلس أمي .
بيتي له حديقة تملؤها الأزهار من كل لون كل ما فيها زرعه أبي وأمي وكانا ينكبان على رعاية ما يزرعانه ويسقيانه ، كأنه واحد من أبنائهما ، وهناك الأرجوحة أجلس فيها وأتأرجح  وقتها كنت أحلم بأنني يوما ما سأذهب إلى الجامعة ، وأحقق ما أحلم به ، كانت أرجوحتي مقر أحلامي ، وأخوتي يلعبون من حولي ، أما مدرستي فهي بيتي الثاني ، معلماتي …  صديقاتي، في هذا الدرس حدث كذا، وفي ذاك الدرس صار كذا ، ومعلمتي قالت كذا ، وصديقتي همست بأذني حديثًا  أضحكني، وهذه مقاعد الدراسة التي شهدت دروسنا وأوقات الامتحانات … آهٍ كم كانت عصيبة ، وأوقات توزيع النتائج ، كم كانت رائعة تلك اللحظات ،حيث أحصد نتيجة جدي واجتهادي …ذكريات ..ذكريات..ذكريات…كأنه حلم مر بمخيلتي … بات علي أن أتذكر ما رأيته في هذا الحلم فأنا الآن وبسرعة وبدون مقدمات كُتِبَ علينا الرحيل، وبات سفرنا أمرًا ضروريًا .
حزمت والدتي أمتعتنا ، وتركنا كل شيءٍ جميلٍ في بيتنا ، في مديتنا ، ووجب علي أن أودع صديقاتي وأقاربي جاهدة أن يكون وداعنا دون بكاء ، إلا أنني كنت كالطير يضحك مذبوحًا من الألم ، ولما سافرنا انفجرت بالبكاء طوال طريق السفر،لن أنسى ما حييت تلك اللحظات .
وهكذا وصلنا إلى المدينة الجديدة التي سنعيش فيها – مدينة دبي – بدولة الإمارات ،لا أنكر أنها جميلة إلا أنها غريبة عني لا أعرف فيها أحدًا، ولا أحد يعرفني ،أعيش في بيت لا أنكر أنه جميل إلا أن بيتي كان أجمل ،وكذا غرفتي هنا أيضا جميلة إلا أنها ليست كغرفتي التي أحبها ونشأت بها ، وليس لي فيها أية ذكريات..وبات علي الذهاب إلى المدرسة ، طبعا في أول يوم ذهبت إلى المدرسة ، كنت أشعر برغبة شديدة في البكاء، بل كنت أريد أن اصرخ ليسمعني كل من في المكان :
لا أريد هذه المدرسة ولا أريد أن أعيش هنا ، أريد مدرستي وصديقاتي ومعلماتي
…لكني لم أفعل هذا لأني أعرف أن هذا قد أصبح مستحيلا، وبات عليّ    التأقلم مع كل شيء هنا….وشيئا فشيئا إذا بي أجد المدرسة جميلة فعلا ، بدأت رويدا رويدا أتعرف على المعلمين والمعلمات …… أصبحتُ أحبهم وأحبهم كثيرا،كما كنت أحب معلماتي في سوريا……….وشيئا فشيئًا صرت أتعرف إلى صديقات جديدات ، وأجد من بينهن من تشبه صديقاتي اللاتي تركتهن في بلدي ، لا أنكر أنني في كثير من الأحيان، والمعلمة تشرح الدرس أجهش بالبكاء ولا أستطيع التوقف ،لأني أتذكر صديقاتي ،وأشعر بشوقٍ كبيرٍ لهن وأحن لما عشناه سويا ، أشعر بالحنين إلى مدينتي ، إلى شوارعها وبساتينها ومزارعها……
من هنا كنا نشتري الطعام ،ومن هنا كنا نشتري الفواكه والخضار،ومن هناك نشتري الملابس والألعاب…أحن إلى بيتي،أحن إلى جدرانه،أحن إلى ذكرياتي فيه ، أحن إلى غرفتي وألعابي ، أحن إلى صديقاتي  ، إلى أقاربي،أحن إلى الهواء الذي كنا نستنشقه في بلدي ،أحن إلى الخبز الذي كنا نأكله….أحن وأحن وأحن إلى كل شيءٍ هناك…
هناك حيث جنة الله على الأرض… سوريا
الفجر فجرها والزمان زمانها…..تستيقظ على آذان الفجر ،وتنام على هدهدة تراتيل الكنائس
سوريا ياقصيدة الله ،ويا ولادة الأوفياء ، ويا عالية الجبين والعنفوان….أستيقظ في كل صباح وأدعو الله أن يحمي سوريا وأن يزول هذا الليل الدامس الظلمة، ليبزغ الفجر من جديد على بلدي ، وأعود
لأعيش في أحضانها…أنام وأنا أدعو دعائي هذا…….وسأواظب عليه حتى يستجيب الله لي
 وأعود إلى أحضان أمي الرؤوم.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

سلامٌ إليكِ

سلامٌ إليكِ                         شعر : علاء دياب سلامٌ إليكِ في كلِّ حيــــن فَأَنْتِ الحقيقةُ لو تُدركيــن وأنتِ ...