انْحِدَارُ
الأَخْلَاقِ لَدَى الطُّلَّابِ فِي العَصْرِ الحَدِيثِ: الأَسْبَابُ وَالحُلُولُ
إنَّ الأَخْلَاقَ هِيَ العِمَادُ الأَسَاسِيُّ لِبِنَاءِ المُجْتَمَعِ،
وَهِيَ مِيزَانُ تَقَدُّمِ الأُمَمِ وَازْدِهَارِهَا. وَقَدْ شَهِدَ العَصْرُ
الحَدِيثُ انْحِدَارًا كَبِيرًا فِي القِيَمِ الأَخْلَاقِيَّةِ لَدَى الطُّلَّابِ،
مِمَّا أَثَّرَ بِشَكْلٍ سَلْبِيٍّ عَلَى العَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ
وَأَثْمَرَ جِيلًا يَفْتَقِرُ إِلَى مَبَادِئِ الأَمَانَةِ وَالإِخْلَاصِ فِي
طَلَبِ العِلْمِ.
أَسْبَابُ
انْحِدَارِ الأَخْلَاقِ لَدَى الطُّلَّابِ
يُعْزَى تَدَنِّي المُسْتَوَى الأَخْلَاقِيِّ لَدَى الطُّلَّابِ إِلَى
مَجْمُوعَةٍ مِنَ العَوَامِلِ، أَبْرَزُهَا:
1. التَّرْبِيَةُ
الأُسَرِيَّةُ الضَّعِيفَةُ: فَالكَثِيرُ مِنَ الأُسَرِ أَصْبَحَتْ تُرَكِّزُ عَلَى الجَانِبِ
الأَكادِيمِيِّ لِلأَبْنَاءِ، مُهْمِلَةً تَزْكِيَةَ أَخْلَاقِهِمْ وَتَصْحِيحَ
سُلُوكِيَّاتِهِمْ.
2. التَّقَدُّمُ
التِّكْنُولُوجِيُّ وَأَثَرُ الإِنْتَرْنِتِ: فَالوُصُولُ المُفْتَوْحُ إِلَى
مَوَاقِعَ تَحْمِلُ أَفْكَارًا مُنْحَرِفَةً وَقِيَمًا دَخِيلَةً يُسَاهِمُ فِي
تَشْوِيهِ الفِكْرِ وَتَشْجِيعِ السُّلُوكِيَّاتِ السَّيِّئَةِ.
3. تَدَنِّي دَوْرِ
المُعَلِّمِ وَالمَدْرَسَةِ: فِي السَّابِقِ، كَانَ المُعَلِّمُ يُشَكِّلُ قُدْوَةً فِي العِلْمِ
وَالأَخْلَاقِ، أَمَّا اليَوْمَ فَقَدْ تَرَاجَعَتْ هَيْبَةُ المُعَلِّمِ وَضَعُفَ
دَوْرُ المَدْرَسَةِ فِي غَرْسِ القِيَمِ.
4. التَّأْثِيرُ
السَّلْبِيُّ لِلأَقْرَانِ: فَالصُّحْبَةُ السَّيِّئَةُ لَهَا دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي جَرِّ الطُّلَّابِ
نَحْوَ مُخَالَفَةِ الأَخْلَاقِ السَّوِيَّةِ وَاتِّبَاعِ أَسَالِيبِ الغِشِّ
وَالكَذِبِ وَالسُّرْقَةِ.
النَّصَائِحُ
المُوَجَّهَةُ لِأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ
لِمُوَاجَهَةِ هَذَا التَّدَهْوُرِ الأَخْلَاقِيِّ، يَجِبُ عَلَى
أَوْلِيَاءِ الأُمُورِ أَنْ يَتَّبِعُوا عِدَّةَ خُطُوَاتٍ مُهِمَّةٍ، مِنْهَا:
1. تَعْزِيزُ القِيَمِ
الدِّينِيَّةِ وَالأَخْلَاقِيَّةِ فِي البَيْتِ: فَتَرْبِيَةُ الأَبْنَاءِ عَلَى
الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَالإِخْلَاصِ وَالمَسْؤُولِيَّةِ هِيَ الأَسَاسُ
لِبِنَاءِ شَخْصِيَّةٍ مُتَّزِنَةٍ.
2. المُرَاقَبَةُ
الذَّكِيَّةُ وَالمُوَجِّهَةُ: يَجِبُ مُتَابَعَةُ سُلُوكِيَّاتِ الأَبْنَاءِ وَضَبْطُ سُلُوكِهِمْ دُونَ
التَّدَخُّلِ الزَّائِدِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى تَمَرُّدِهِمْ.
3. التَّوْجِيهُ
لِصُحْبَةِ الصَّالِحِينَ: فَاخْتِيَارُ الصَّدِيقِ الصَّالِحِ يُسَاعِدُ فِي تَعْزِيزِ الأَخْلَاقِ
وَالقِيَمِ الحَمِيدَةِ.
4. القِرَاءَةُ
وَالتَّوْعِيَةُ المُسْتَمِرَّةُ: تَشْجِيعُ الأَبْنَاءِ عَلَى قِرَاءَةِ الكُتُبِ وَالمَوَادِّ الَّتِي
تُزَكِّي النَّفْسَ وَتُعَزِّزُ الفِكْرَ المُسْتَنِيرَ.
إِنَّ العَمَلِيَّةَ التَّعْلِيمِيَّةَ لا تَقْتَصِرُ عَلَى تَلَقِّي
المَعْرِفَةِ فَقَطْ، بَلْ تَشْمَلُ أَيْضًا غَرْسَ القِيَمِ وَالأَخْلَاقِ.
فَإِذَا لَمْ يَتَرَبَّ الطُّلَّابُ عَلَى الأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ، فَإِنَّ
العِلْمَ لَا يُؤَدِّي دَوْرَهُ الحَقِيقِيَّ. وَمِنْ هُنَا يَتَحَتَّمُ عَلَى
الأُسْرَةِ وَالمَدْرَسَةِ وَالمُجْتَمَعِ أَنْ يَتَعَاوَنُوا فِي إِعَادَةِ
بِنَاءِ الجِيلِ القَادِرِ عَلَى حِمَايَةِ القِيَمِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى
الثَّوَابِتِ الدِّينِيَّةِ وَالأَخْلَاقِيَّةِ.