مساوئُ التَّعلُّمِ في
المجموعاتِ
وفشلُ استراتيجياتِ
التَّعلُّمِ الحديثةِ
في تعليمِ الطُّلَّابِ
العَرَبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنَّ التَّعلُّمَ في المجموعاتِ يُعَدُّ مِنَ الطُّرُقِ الحديثةِ الَّتي
انتشرت في المؤسَّساتِ التَّعليميَّةِ العربيَّةِ تحتَ مبرِّرِ تَطويرِ التَّعليمِ
وتعزيزِ التَّفاعُلِ بينَ الطُّلَّابِ، إلَّا أنَّ هذهِ الطَّريقةَ لا تخلو مِنَ
المساوئِ الَّتي تَجعلُها غيرَ مُجديةٍ في بَيئاتٍ تعليميَّةٍ مُحدَّدةٍ، ولا
سيَّما في المُجتمَعاتِ العربيَّةِ الَّتي تُعاني مِن تَحدِّيَاتٍ خَاصَّةٍ في
مَجالِ التَّعليمِ والتَّحفيزِ الذَّاتِيِّ للطُّلَّابِ.
أوَّلًا: المساوئُ الأساسيَّةُ لِلتَّعلُّمِ في المجموعاتِ
1)ضَعفُ مُشارَكَةِ الطُّلَّابِ ذَوي القُدراتِ
المُتدنِّيَةِ
يَميلُ الطُّلَّابُ الضُّعفاءُ إلى الاعتمادِ على زُملائِهم دونَ بذلِ
جُهدٍ حقيقيٍّ في التَّعلُّمِ، الأمرُ الَّذي يُؤدِّي إلى عدمِ استفادَتِهِم
الفِعليَّةِ مِنَ المادَّةِ المُقدَّمَةِ.
2)تَفاقُمُ الفُروقِ الفَرديَّةِ
على الرَّغمِ مِن أنَّ التَّعلُّمَ في المجموعاتِ يَهدِفُ إلى تَعاوُنِ
الطُّلَّابِ، إلَّا أنَّهُ في كثيرٍ مِن الأحوالِ يُؤدِّي إلى عَكسِ ذلكَ، حيثُ
تَبقَى الفُروقُ الفَرديَّةُ واضحةً، ويَجدُ الطُّلَّابُ المُتميِّزونَ أنفُسَهُم
يقومونَ بأغلبِ العَمَلِ، في حينِ يَقتصِرُ دورُ الآخَرينَ على المُتابَعَةِ
السَّطحيَّةِ.
3)التَّشتُّتُ وَضعفُ التَّركيزِ
في بيئةٍ تعليميَّةٍ غيرِ مُهيَّأَةٍ بشكلٍ كافٍ، يُمكنُ أن يُؤدِّي
التَّعلُّمُ في المجموعاتِ إلى التَّشتُّتِ بِسببِ الأحاديثِ الجانبيَّةِ، أو عدمِ
التَّركيزِ على الهَدَفِ الأساسيِّ، مِمَّا يُضعِفُ فاعليَّةَ الدَّرسِ.
4)ضَعفُ المُحاسَبَةِ الفرديَّةِ
في كثيرٍ مِنَ الحالاتِ، لا يَتمكَّنُ المُعلِّمُ مِن قياسِ مدى فَهمِ
كُلِّ طالبٍ على حِدَةٍ، إذ إنَّ النَّتائجَ الجماعيَّةَ قد تُخفي تَقصيرَ بعضِ
الأفرادِ، وَبِالتَّالي يَصعُبُ تقييمُ المُستوى الحَقيقيِّ للطُّلَّابِ.
1. عدمُ مُلاءمَةِ الاستراتيجيَّاتِ لِلمُجتَمَعِ
العربيِّ
تَستَنِدُ العديدُ مِنَ الاستراتيجيَّاتِ الحَديثةِ إلى بِيئاتٍ غَربيَّةٍ
تَختلِفُ كُليًّا عن البِيئَةِ التَّعليميَّةِ العربيَّةِ، فالنِّظامُ
التَّعليميُّ الغَربيُّ يُشجِّعُ الطُّلَّابَ مُنذُ الصِّغَرِ على البَحثِ
الذَّاتِيِّ وَالتَّعلُّمِ المُستقلِّ، في حينِ يَميلُ الطُّلَّابُ العَرَبُ إلى
الاعتمادِ الأكبرِ على المُعلِّمِ.
2.
نَقصُ التَّجهيزاتِ والتَّدريبِ الكافِي
تتطلَّبُ بعضُ الاستراتيجيَّاتِ الحديثةِ وسائلَ تَعليميَّةً مُتطوِّرَةً
وَمُعلِّمينَ مُدرَّبينَ على تَطبيقِها بِشكلٍ صحيحٍ، إلَّا أنَّ العديدَ مِنَ
المُؤسَّساتِ التَّعليميَّةِ العربيَّةِ تُعانِي مِن ضَعفِ التَّجهيزاتِ وَقِلَّةِ
الدَّوراتِ التَّدريبيَّةِ اللَّازمةِ لِتَطبيقِ هذهِ الطُّرُقِ بِفاعليَّةٍ.
3.
ضَعفُ الحافِزِ الذَّاتِيِّ لَدى الطُّلَّابِ
يَفتقِرُ العديدُ مِن الطُّلَّابِ العَرَبِ إلى الدَّوافِعِ الذَّاتيَّةِ
للتَّعلُّمِ وَالبَحثِ، فَبَينَما تَنجَحُ استراتيجيَّاتُ التَّعلُّمِ الحَديثةِ
مَع الطُّلَّابِ الَّذينَ يَمتَلِكُونَ روحَ المُبادَرَةِ وَالتَّعلُّمِ
الذَّاتِيِّ، إلَّا أنَّها تَفشَلُ مَع الطُّلَّابِ الَّذينَ اعتادُوا الأساليبَ
التَّلقينيَّةَ وَيَحتاجُونَ إلى تَوجِيهٍ مُباشِرٍ مِن قِبَلِ المُعلِّمِ.
4.
صُعوبَةُ تَطبيقِ التَّعلُّمِ القائمِ على المَشاريعِ
تُعتَبَرُ استراتيجيَّةُ التَّعلُّمِ القائمِ على المَشاريعِ مِنَ
الأساليبِ المُعتمَدَةِ حَديثًا، إلَّا أنَّ تَطبيقَها في المَدارِسِ العربيَّةِ
يُواجِهُ عَقَباتٍ عِدَّةً، مِثلَ نَقصِ المُوَاردِ، وكِبَرِ عَدَدِ الطُّلَّابِ
في الصَّفِّ الوَاحِدِ، وَضَعفِ المُتابَعَةِ وَالتَّوجِيهِ الفرديِّ لِكُلِّ
طالبٍ.
ثالثًا: الحَلولُ المُقترَحَةُ
1)تَكيِيفُ استراتيجيَّاتِ التَّعلُّمِ بِما
يُناسِبُ الثَّقافَةَ وَالبِيئَةَ التَّعليميَّةَ العربيَّةَ، وَعدمُ نَقلِ
الأساليبِ الغَربيَّةِ بِصُورَتِها الحَرفيَّةِ.
2)تَدريبُ المُعلِّمِينَ بِشَكلٍ مُكَثَّفٍ على أفضَلِ الطُّرُقِ لِتَطبيقِ
التَّعلُّمِ في المَجموعاتِ بِصُورَةٍ تُحقِّقُ الفائِدَةَ لِكُلِّ الطُّلَّابِ.
3)مُراعاةُ الفُروقِ الفَرديَّةِ وَإيجادُ طُرُقٍ تُتيحُ التَّعلُّمَ
الذَّاتِيَّ وَالتَّفاعُلَ الفَعَّالَ فِي الوَقتِ نَفسِهِ.
4)تَوفيرُ المُوَاردِ وَالبِنيةِ التَّحتِيَّةِ اللازِمَةِ لِتَطبيقِ
الاستراتيجيَّاتِ الحَديثَةِ بِشَكلٍ سَليمٍ.
يُظهِرُ الواقعُ التَّعليميُّ العَرَبِيُّ أنَّ التَّعلُّمَ في
المَجموعاتِ وَتَبنِّي الاستراتيجيَّاتِ الحَديثَةِ دُونَ مُلاءمَتِها
لِمُتطلَّباتِ الطُّلَّابِ وَبِيئَتِهِم، قَد يُؤدِّي إلى نَتائِجَ عَكسِيَّةٍ،
وَبِالتَّالي فإنَّ التَّطويرَ الحَقيقيَّ يَتطلَّبُ فَهمًا أعمقَ لِحاجَاتِ
الطُّلَّابِ وَمُراعاةَ السِّياقِ الثَّقافيِّ وَالتَّعليميِّ لَهم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق