الثلاثاء، 4 مارس 2025

الصِّدْقُ مَنْجَاةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

 


الصِّدْقُ مَنْجَاةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

بقلم علاء دياب

————————————-

قَالَ تَعَالَى: (لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) [الأحزاب: 8].

تُشِيرُ هَذِهِ الآيَةُ إِلَى أَنَّ الصِّدْقَ لَا يَنْجُو بِهِ أَصْحَابُهُ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ، بَلْ سَيُسْأَلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ صِدْقِهِمْ، وَهَلْ كَانَ صِدْقُهُمْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ مَشُوبًا بِرِيَاءٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ؟

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: “عَجَبًا وَاللهِ… سُئِلُوا وَحُوسِبُوا وَهُمْ صَادِقُونَ، فَكَيْفَ بِاللهِ بِالْكَاذِبِينَ؟

هَذَا التَّعْلِيقُ يَجْعَلُنَا نُدْرِكُ عَظِيمَ الْمَسْؤُولِيَّةِ الَّتِي تُلْقَى عَلَى عَاتِقِ كُلِّ إِنْسَانٍ يَسْلُكُ طَرِيقَ الصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ لَا يَعْنِي فَقَطْ التَّحَدُّثَ بِالْحَقِّ، بَلْ يَشْمَلُ صِدْقَ النِّيَّةِ، وَصِدْقَ الْعَمَلِ، وَصِدْقَ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ.

الصِّدْقُ مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

وَفِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ” [متفق عليه].

وَمَعَ هَذَا، فَإِنَّ مَنْزِلَةَ الصِّدْقِ لَيْسَتْ بِالسَّهْلَةِ، فَالصَّادِقُ يَتَحَمَّلُ تَبِعَاتِ قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ، وَلَا يَسْتَسْلِمُ لِمَغَارِمِ الْكَذِبِ أَوْ التَّزْيِيفِ.

فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ قَدْ سَلَكَ طَرِيقَ الْكَذِبِ لِيَجْنِيَ مَكَاسِبَ زَائِلَةً، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُهُ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ وَكُلِّ فِعْلٍ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنْ يَسْعَى إِلَى أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي كُلِّ أُمُورِهِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يُوصِلُهُ إِلَى رِضَا اللَّهِ وَنَعِيمِ الْجَنَّةِ. وَكَذَلِكَ، عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ الْكَذِبِ الَّذِي هُوَ سَبِيلُ النِّفَاقِ وَالْخِذْلَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

فِي الْخِتَامِ، لِيَكُنِ الصِّدْقُ شِعَارَ الْمُسْلِمِ وَمَنْهَجَ حَيَاتِهِ، فَبِهِ تَسْتَقِيمُ النَّفْسُ، وَتُزَكَّى الْقُلُوبُ، وَتَرْتَفِعُ الدَّرَجَاتُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ.

—————————-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

سلامٌ إليكِ

سلامٌ إليكِ                         شعر : علاء دياب سلامٌ إليكِ في كلِّ حيــــن فَأَنْتِ الحقيقةُ لو تُدركيــن وأنتِ ...