الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا
وَالإِقْبَالُ عَلَى الآخِرَةِ
بقلم: علاء دياب
قَالَ أَحَدُ السَّلَفِ
الصَّالِحِ: “الدُّنْيَا كُلُّهَا قَلِيلٌ، وَالَّذِي بَقِيَ مِنْهَا قَلِيلٌ،
وَالَّذِي لَكَ مِنَ الْبَاقِي قَلِيلٌ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ قَلِيلِكَ إِلَّا
قَلِيلٌ”.
تُلَخِّصُ هَذِهِ
الْكَلِمَاتُ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا وفَنَاءَها، فَالدُّنْيَا كَمَا وَصَفَهَا
اللهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ:
(وَمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران: 185].
هِيَ دَارٌ مَؤَقَّتَةٌ
لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلَا تَخْلُو مِنْ الْمِحَنِ وَالِابْتِلَاءِاتِ،
وَإِنَّمَا هِيَ مَزْرَعَةٌ لِلآخِرَةِ.
يُذَكِّرُنَا السَّلَفُ
الصَّالِحُ فِي هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ أَيَّامَ الدُّنْيَا تَمْضِي سَرِيعًا،
وَمَا تَبَقَّى مِنْهَا لِلْإِنْسَانِ قَلِيلٌ، وَمَا لِلْإِنْسَانِ فِي
الدُّنْيَا لَا يُسَاوِي شَيْئًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَعَدَّهُ اللهُ لَهُ
فِي الآخِرَةِ، إِذَا كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ.
فَعَلَى الْإِنْسَانِ
الْعَاقِلِ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَأَنْ يُقَدِّرَ أَنَّ مَا
يُنْفِقُهُ مِنْ وَقْتِهِ وَمَالِهِ وَجُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا سَيَكُونُ
مَحْسُوبًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي هَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ
سَبِيلٍ” [رواه البخاري].
الدُّنْيَا مَحَطَّةٌ
قَصِيرَةٌ فِي رِحْلَةِ الْإِنْسَانِ نَحْوَ الآخِرَةِ، وَهِيَ فُرْصَةٌ
لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ، لِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَغِلَّ
هَذِهِ الْفُرْصَةَ فِي طَاعَةِ اللهِ وَبِرِّ النَّاسِ وَإِصْلَاحِ نَفْسِهِ.
وَفِي النِّهَايَةِ،
عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الدُّنْيَا زَائِلَةٌ، وَأَنْ يَجْعَلَ
هَمَّهُ وَغَايَتَهُ فِي الْحَيَاةِ إِرْضَاءَ رَبِّهِ وَالْعَمَلَ لِلآخِرَةِ،
فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ
الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) [القصص: 77].
وَصَلِّ اللَّهُمَّ
عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ.
—————
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق