رَحْمَةُ
اللهِ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
بقلم: علاء دياب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ
رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ".
هَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ عَظِيمَ رَحْمَةِ
اللهِ جَلَّ وَعَلَا، فَهُوَ رَبُّ الرَّحْمَةِ الَّذِي يَسْبِقُ حِلْمُهُ
غَضَبَهُ، وَعَفْوُهُ عِقَابَهُ.
إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ وَاسِعَةٌ، تَشْمَلُ
كُلَّ كَائِنٍ حَيٍّ، وَقَدْ أَكَّدَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ فِي
كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ:
) وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء ( [الأعراف: 156]
رَحْمَةُ اللهِ وَاسِعَةٌ وَتَشْمَلُ جَمِيعَ
عِبَادِهِ:
وَعَدَنا اللهُ سُبْحَانَهُ بِرَحْمَةٍ لَا تُضَاهِيها
رَحْمَةٌ أُخْرَى، فَهُوَ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أُمَّهَاتِنَا وَآبَائِنَا. وَفِي
حَدِيثٍ آخَرَ، يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنَ
الْأُمِّ بِوَلَدِهَا". فَكُلَّمَا أَحَسَّ الْإِنْسَانُ
بِالتَّقْصِيرِ، وَكُلَّمَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ ذُنُوبُهُ، عَلَيْهِ أَنْ
يَتَذَكَّرَ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَأَنْ يَعُودَ إِلَى بَابِهِ
مُتَضَرِّعًا، فَإِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ، مَا
دَامَتِ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ.
إِيَّاكَ وَالْقُنُوطَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ:
حَذَّرَنا اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ
الْكَرِيمِ مِنَ الْقُنُوطِ وَالْيَأْسِ مِنْ رَحْمَتِهِ، فَقَالَ:
) قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( الزمر:
53
فَهَذِهِ الْآيَةُ جَاءَتْ بَشَارَةً لِكُلِّ
مُذْنِبٍ، وَدَعْوَةً لِلْعَوْدَةِ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ بِقَلْبٍ مُخْلِصٍ،
وَأَنْ نَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ.
آيَاتُ الرَّحْمَةِ فِي كَوْنِ اللهِ:
عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي
عَظِيمِ رَحْمَةِ اللهِ وَآيَاتِهِ فِي كَوْنِهِ. فَانْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ
كَيْفَ رَفَعَهَا، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ مَهَّدَهَا، وَإِلَى الْبَحَارِ
كَيْفَ سَخَّرَهَا، وَإِلَى كُلِّ نِعْمَةٍ تَنَعَّمْتَ بِهَا، فَهِيَ مِنْ
عَطَاءِ رَبِّكَ الرَّحِيمِ. وَمِنْ رَحْمَتِهِ أَنَّهُ يُطْعِمُ مَنْ كَفَرَ
بِهِ، وَيُعَافِي مَنْ عَصَاهُ، وَيُؤَخِّرُ الْعِقَابَ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
إِلَى الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ.
رَحْمَةُ اللهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ:
رَحْمَةُ اللهِ فِي الدُّنْيَا عَظِيمَةٌ،
وَلَكِنَّ رَحْمَتَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَعْظَمُ. فَفِي الْجَنَّةِ مَا لَا
عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. وَمِنْ
أَعْظَمِ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ أَنْ يُدْخِلَ اللهُ عِبَادَهُ الْجَنَّةَ
بِرَحْمَتِهِ، لَيْسَ بِأَعْمَالِهِمْ وَحْدَهَا، وَفِي ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ
بِعَمَلِهِ "، قَالُوا: " وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ "، قَالَ:
" وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ ".
فَلْنَكُنْ شَاكِرِينَ لِرَحْمَةِ اللهِ،
وَلْنُسَارِعْ إِلَى طَاعَتِهِ، وَلْنَتُبْ إِلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ تَقْصِيرٍ.
فَرَحْمَةُ اللهِ هِيَ السَّبِيلُ لِلنَّجَاةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ،
وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ، وَنَثِقَ فِي عَفْوِهِ، وَنُدْرِكَ
أَنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ رَجَاهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق