إبداع يفوق الخيال ...
قصيدة الشاعر اليمني الكبير/ عبد الله البردوني
ماذا عَن القومِ؟! لا عادُوا، ولا وَصَلُوا
ولا عَلِمنا بأيِّ الأرضِ قد نَزَلوا
هل أحرَزوا النصر؟ أين الريحُ تُخبرنا
ما عادت الريحُ بالأخبارِ ترتحلُ
أرجو الجوابَ، ولكن تَبخَلُ الجُملُ
عنهم، أَلَم تَدرِ صنعا أنهم ثَمِلُوا؟
تبكي وتندب قومًا كلما خرجوا
من مَعبرٍ مظلمٍ في مِثلِهِ دَخلوا
كأنهم وسْط نارِ الحرب موقدُها
في الأرض، ما خُلقوا إلا لِيقتتلوا
طغى عليها الفتى الملعونُ والعِللُ
كما تَدورُ على العصّارةِ الإبلُ
يا سامُ قُم لِتَرى صنعاءَ مُوجَعةً
تُبدِي الدموعَ، فَتُبدي صَمتَها الدولُ
بكاؤُها اليومَ يُبكي كُلَّ ذي خلدٍ
وخلفهُ نفخةٌ يَرمِي بها الأزلُ
وأنتَ تَسكن في قبرٍ، وتترك ما
بَنيتَ، والأرضُ جرحٌ ليس يندملُ
قوماً يزيدون جوعًا كلما أكلوا
ذئبٌ تَذمَّر مِن ظُلم الحياةِ، ومن
جَورِ القويِّ وفي أنيابهِ حَملُ
لا شأنَ لي بعليٍّ أو معاويةً
ولا بمن رفضوا حكمًا ومَن قبِلوا
شيخٌ يُفتّش في التوراةِ ليس له
مَوتاً، وها أنذا في القبر احتفلُ
نجاسةٍ بلعابِ الكلب تَغتَسِلُ
تقولُ صنعا بأن الحظَّ يكرهُها
قالت لنا: ذاك ربي، ذاك أكبرُهُم
جهلاً بهم، ثم تابَت بعدما أفلوا
المشتري بائعٌ، والأرضُ واقفةٌ
هم يَكذبون عليها كلما نَطَقوا:
وحين تؤمِنُ صَنعا تَكفُرُ الحِيلُ
وحين تَسمعُ ما قالوه يُخجلها
سَماعُهُ، والذي قالُوهُ ما خَجلوا
يا سامُ قُم لِترى صنعاءَ أغنيةً
بغى على لحنِها التقليدُ والمللُ
كانت تفوحُ بطِيبٍ ثم حوّلها
إلى دُخَانٍ، وأضحى يُضرَبُ المَثلُ
ما للظفائر يا بلقيسُ تأكلها
نارٌ بها هذه من تلك تشتعلُ
عودي كما كنت أُمّاً كي أعودَ أباً
يا مَن يُعلمني نحوًا وتَوريةً
تعال أخبِرْكَ ماذا يَصنع البَدلُ
لا تَحسبِ الأرضَ عن إنجابِها عَقِرت
مِن كُلِّ صَخرٍ سَيأتي لِلفِدا جَبَلُ
فالغصنُ يُنبتُ غصناً حين نَقطعه
والليلُ يُنجبُ صبحًا حين يَكتملُ
سَتمطر الأرضُ يَوماً رغم شِحّتِها
ومِن بطونِ المآسي يُولَدُ الأملُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق