إِيَّاكَ أَنْ تُؤْذِيَ أَحَدًا فِي رِزْقِهِ
الرِّزْقُ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَنَاحِي الَّتِي كَتَبَهَا اللَّهُ
لِعِبَادِهِ، وَقَدْ تَكَفَّلَ اللَّهُ بِرِزْقِ كُلِّ مَخْلُوقٍ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ،
فَقَالَ تَعَالَىٰ:
﴿وَمَا
مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ
مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [هود: 6].
فَالرِّزْقُ قِسْمَةٌ مَقْسُومَةٌ، وَنَصِيبٌ مَكْتُوبٌ، لَا يَسْتَطِيعُ
أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْكَ إِذَا كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَا أَنْ
يَجْلِبَهُ إِلَيْكَ إِذَا لَمْ يُقَدَّرْ لَكَ.
وَلَكِنْ، مَعَ هَذَا الضَّمَانِ الْإِلٰهِيِّ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ
يُحَاوِلُونَ أَنْ يُؤْذُوا غَيْرَهُمْ فِي أَرْزَاقِهِمْ، فَيُشِيعُونَ الْإِشَاعَاتِ
الْبَاطِلَةَ، أَوْ يَسْعَوْنَ بِالنَّمِيمَةِ وَالْوِشَايَةِ لِإِضْرَارِ
غَيْرِهِمْ، أَوْ يَسْرِقُونَ جُهُودَ الْآخَرِينَ وَيَنْسِبُونَهَا إِلَىٰ
أَنْفُسِهِمْ. وَهٰذَا فِعْلٌ مُحَرَّمٌ يَجْلِبُ صَاحِبَهُ الْوِزْرَ وَالْخُسْرَانَ
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
فِي الْحَقِيقَةِ، مَنْ يَسْعَىٰ فِي إِضْرَارِ غَيْرِهِ فِي رِزْقِهِ،
فَإِنَّهُ يُجَاهِدُ فِي مَا لَا يَمْلِكُهُ، وَيُحَارِبُ أَمْرًا كَتَبَهُ اللَّهُ
وَقَضَاهُ، وَكَمْ مِنْ شَخْصٍ ظَنَّ أَنَّهُ سَيَمْنَعُ الرِّزْقَ عَنْ غَيْرِهِ،
فَإِذَا بِهِ يَفْقِدُ رِزْقَهُ نَفْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يُدَافِعُ عَنِ الْمَظْلُومِ، وَيَأْخُذُ بِحَقِّهِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ
قَالَ:
»لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ
مُسْلِمًا« [رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ].
فَكَيْفَ بِمَنْ يُرَوِّعُهُ فِي رِزْقِهِ وَيُزَعْزِعُ اسْتِقْرَارَهُ الْمَعِيشِيَّ؟
إِنَّ الْمُؤْمِنَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَسْعَىٰ فِي قَطْعِ الْأَرْزَاقِ،
وَلَا يَكِيدُ لِغَيْرِهِ فِي مَعَاشِهِ، بَلْ يَرْضَىٰ بِمَا قَسَمَهُ اللَّهُ
لَهُ، وَيَسْعَىٰ فِي الطَّلَبِ بِالْحَلَالِ، وَيُعِينُ غَيْرَهُ، فَيُبَارِكُ اللَّهُ
لَهُ فِي مَالِهِ وَعَيْشِهِ.
فَلْيَحْذَرِ الْمَرْءُ أَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ فِي رِزْقِهِ، فَإِنَّ الظُّلْمَ
دَاخِلٌ فِي كُلِّ مَا يُسَبِّبُ الضَّرَرَ لِلنَّاسِ، وَسَيَجِدُ كُلُّ ظَالِمٍ
عَاقِبَةَ فِعْلِهِ، وَسَيُقَابِلُهُ اللَّهُ بِمِثْلِ مَا قَدَّمَ.
فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَرْزَاقِ النَّاسِ،
فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَيْدِيكُمْ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي يَدِ اللَّهِ وَحْدَهُ،
وَمَنْ رَضِيَ بِرِزْقِهِ وَسَعَىٰ بِالْحَلَالِ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ وَزَادَهُ،
وَمَنْ بَغَىٰ عَلَىٰ غَيْرِهِ، فَسَيَرُدُّ اللَّهُ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق